ويعرض الباحثون الأركيولوجيون في هذا المؤتمر، الذي ينظم بالمغرب للمرة الأولى، نتائج أعمالهم بالقارة الإفريقية، ويؤكدون فيه على ضرورة العمل من أجل حماية وتثمين التراث الثقافي الإفريقي والتراث الأثري على وجه الخصوص.
وذكّر بيير دو ماري، الأركيولوجي الفرنسي، بالتاريخ الطويل الذي جمع المؤتمر بالمغرب؛ فمنذ نسخته الأولى في سنة 1947 كان أول حدثين أثريين بارزين تم الإعلان عنهما مغربيين. ووضح دو ماري أن أهمية هذا المؤتمر تتجلى في إتاحته فرصة يلتقي فيها الباحثون ويتحدثون ويتعرفون على المواقع التنقيبية لبعضهم البعض، وزاد مخاطبا جمهور الباحثين: أمامنا تحدي اختفاء هذا الإرث وليس لنا إلا أن نُثمّنه.
من جهته، رحب عبد الحنين بلحاج، رئيس جامعة محمد الخامس بالنيابة، بالمشاركين الذين حضروا من أجل مشاركة آخر نتائجهم العلمية وتثمين التراث الثقافي الإفريقي، واصفا المغربَ بجنة الجيولوجيين نظرا للاكتشافات التي تمت فيه، والتي من بينها اكتشاف أقدم إنسان يرجع عمره لـ 350000 سنة.
إبراهيما تهياو، رئيس الاتحاد الأثري الإفريقي، ذكّر بدوره أن هذا المؤتمر ينعقد مرة كل أربع سنوات، ثم أبرز بعض التحديات التي تواجه الإنسان مثل سؤال المناخ والموارد وعدم التسامح الديني والمواطنة، مضيفا أن علم الآثار (الأركيولوجيا) يساعدنا على فهم هذه التطورات، والتفكير المتجدد فيها من أجل تثمين التراث والتنمية المستدامة.
من جهته، قال عبدولاي كامارا، من جامعة داكار بالسنغال، إن التاريخ الإفريقي الأركيولوجي هو أطول تاريخ؛ ففي إفريقيا، وُجدت الأدوات الأولى والإنسان الأول، وزاد أن اكتشاف أقدم “إنسان عاقل (هومو سابيانس)” بالمغرب، نظرية تلائمه كثيرا هو والكثير من الباحثين في فترة ما قبل التاريخ الإفريقي.
وتحدث كامارا عن ضرورة معرفة التراث قبل تثمينه؛ “لأننا لا نستطيع تثمين ما لا نعرفه”، متسائلا في هذا السياق: هل يعرف الجمهور أهمية الأركيولوجيا الإفريقية؟.
ونبه الأركيولوجي السينغالي إلى التهديدات المتعددة التي تواجه الإرث الأثري الإفريقي كل يوم بسبب الاعتداء على مواقع أركيولوجية، أو إمكانية شراء لُقى من التراث الإفريقي والمتاجرة بها حتى على الإنترنت، وهو ما يحرم الناس من الذاكرة التي تساعدهم على التعرف على أنفسهم بشكل أفضل.
وأبرز كامارا غنى الإرث الأركيولوجي بالقارة الإفريقية المتمثل في الاكتشافات التي تمتد منذ الإنسان الصياد والقطاف، مرورا بالإنسان الفلاح، ووصولا إلى الإنسان البنّاء، إضافة إلى بعض الآثار مثل الدوائر الميغاليثية بالسنغال، ورسومات الكهوف وتيبازة الموريتانية بالجزائر، ووليلي بالمغرب، والكثير من الآثار الرومانية والمسيحية والعربية الإسلامية والفينيقية بإفريقيا.
وأجمل الباحث الأركيولوجي بجامعة داكار بالسينغال، في محاضرته الافتتاحية بكلية العلوم في جامعة محمد الخامس بالرباط، أن حماية هذا التراث وحسن تدبيره أمر أساسي، وهنا تتجلى “ضرورة إرجاع التحف المسروقة”.